وأنا..
أنا الأطلالُ
يستبكي على أحجارها الشعراءُ
يستسقون فيما بينهم غيماًً جريحاً
يوقظون مذابح الكلماتِ
فوق تراب مقبرتي
وبين حقول أحزاني،
على مرأى الفجيعةِ
يحرثون زهور أشعاري
ونهر الفجرِ
يقتلعون مئذنة اشتياقي
يعلنون نهايتي،
لمْ أدرِ أنَّ القلبَ سيّافٌ
سيسبقني لنطع الوقتِ،
ليس لديّ ما أُفضي
ولستُ من الذين عدوا مراراً
خلف أسرابٍ
من الحلم الـ تكسَّرَ غصنُ فرحته
وأعلن أنَّ شال الحبّ
شابَ على رؤوس القادمينَ إلى الزفافْ.
هلْ كنتُ من يبكي
على أطلال من سبقَ امرأ القيسِ..
.. الحطيئة ..
واقتفى شمس الشمال
معدّداً أسماء من وقفوا
على بئر التبدّد والجفافْ.
سبقَ الوداعُ ولادتي
وقصيدتي قمرٌ تيبّسَ
فوق أكوام المرارة والخلافْ.
منْ كانَ يدري
أو يصدّقُ أن تصيرَ يدايَ
مقبرتين من دمع المنافي
تندبان النهر
في وضح الفجائع والذبولْ؟؟
لا تعذلي صوتي
ومحبرتي قميصُ التائبينَ الطيّبينَ
وصورةٌ للقائمينَ
على شؤون اليأسِ
يأتزرون شلاّل التداعي
يُقرئون الطيرَ سجّيل الوداعِ
على هبوب الخوفِ
في نار الأفولْ .
زوري صراخي مرة
وتعمّقي في السّحرِ
علّ الأرجوان على يديكِ
يثير غفلتيَ المدانة بالذهولْ.
لا صوتَ خلف الفجرِ
غيرُ أسايَ
يدلقُ شهدَ عزلته المعاقةِ
لا حدود على تضاريس الفجيعةِ
لا رؤى قلبي،
ولا غزلان روحي
تستدرُّ شميمَ قطعان الحياةِ،
أنا انكسار الراحلينَ
مرارةُ الدمع الأخيرةُ
في شمال القلبِ
صفقةُ حالِمٍ
خسرَ العناقَ
على موائدهِ البشيرُ
بكلّ آلاء القصائد
والتئامِ الروحِ
بين حمامتينِ تُفتّقانِ الفجرَ
في ألَقِ الهديلْ.
لا بُدَّ من قمرٍ صغيرٍ بيننا
يحمي صغار فؤادهِ،
ويذيقنا ألق الصعود إلى الحياةْ.
لا بدَّ من قمرٍ
نواري خيبة الأحلامِ
تحتَ جناح رحلتهِ..
أيا الأنثى..!!
هبيني حزنَ من جُبِلوا على الذكرى
وميقاتَ الأضاميمِ الرّؤومة
كبرياء الريحِ،
كيف أمدّ خارطة الجهاتِ
إلى حقول دمائنا..؟؟
ودموعُنا مِزَقُ الصباحِ
على طلول الروحِ
حاملةً سلال الموتِ
تخنقنا بدايات الفجائعِ
تنحني في درب عزلتنا المرايا
ثم يشطرنا إلى شطرين محروقين
سفّاحُ الأماني،
نرتدي صمت العبور إلى المنافي
والمنافي سلّم الأوجاعِ
خاتمة الفصولْ.
زوري طلولي مرة
فالموتُ لم يُسفَكْ
على سعف اشتعالي بعدُ،
لم تُطفأ شوامخ حسرتي
لم أنجُ من شبح التوابيت الأنيقةِ
في دروبِ الروحِ
لم أسلَمْ من الرّيحِ
التي تأتي من الصحراءِ
لمْ أقطفْ ثمار قصائدي.
سأمرّ بين حرائقي الحيرى
أزفّ الشارع المطريَّ للذكرى،
ألقّنهُ دروسَ الحبّ،
هذا النهر أخرسُ
أو أصمّ القلبِ،
لستُ أنا الذي
بدّلتُ أحلامي
وثوبَ قصائدي.
فأنا..
أنا الأطلالُ
لا أطلال غير الصوت
لا…
لمْ يبقَ لي صوتٌ
أرمّمُ بعضَ ما أهوى
أُترجِمُ ما أعانيهِ
وألزمُ خافقي عاداتهِ،
ما عاد لي صوتي
الذي قد كنتُ أحسبهُ يراني
كي يُداهمَ أو يحاصرَ
كلّ فيروسات أعدائي
وسفّاحي ورود العشقِ
يُقفِلَ في وجوه أولئك الأوغادِ
قلعة حبّيَ المجهولِ..
يسمع صمتي المكحولَ بالأقفالِ
حرّاسُ الحدائق والمقابرِ
تاجرُ الأشواقِ
حمّالو رياح الموتِ
جنّاءُ المراثي..
.. لا تعودي نحو ذاكرتي
وقولي للغياب
ألن يكفّ عن الأنين
وراء صرختي المراقة
لا تزيدي ... !!
.................!
.................!!
زوري خرابي رأفة
فأنا
أنا المكفوف ...
والكفّ الشحيحة أنت ِ
تلجمني ..
وتتركنـــي
على وجعـــي الطويلْ .
*******