بسم الله الرحمن الرحيم
في سنة 1234هـ تقريباً وصل ابراهيم باشا القائد التركي الى المدينه المنوره وقام بحث القبائل على غزو آل سعود بالدرعيه فأوعز الى احد رجاله بالذهاب الى قبيلة الخماعله من عنزه وكانوا يسكنون آنذاك في وادي ويسمى ( غيلان ) الواقع بالصحن شمال خيبر على بعد خمسين كم تقريباً وذلك ليأمرهم بالتجهيز للغزو بإحضار الزمل ( الأبل ) لنقل المؤن والسلاح الى موقع المعركه وإذا رفضوا يأخذ مايريده عنوه وفعلاً المكلف من قبل ابراهيم محمد علي باشا والي مصر للأتراك الى قسم من قبيلة الخماعله من عنزه وهم فحذ الفضيل من الخماعله وكان معهم رجل يدعى ذراع الذيب وهو من فخذ الذيابه من قبيلة الخماعله وكذلك غنيم بن سويري الغري الخمعلي العنزي وأبلغهم القائد بأمر ابراهيم باشا وتشاوروا حول هذا الطلب وقرروا الرفض القاطع للغزو معه على الدرعيه أو إعطائه اي مساعده مهما كان نوعها فأبلغ القائد التركي قائده ابراهيم باشا فغضب ابراهيم باشا على قبيلة الخماعله وأرسل اليهم قوه عسكريه منظمه لإرغامهم على تنفيذ ما أمر به ومقاتلتهم إذا رفضو مره ثانيه وقد عليهم القائد نفسه وكرر الأمر ولكنّه قوبل بالرفض فأمر جنده بضربهم بالسلاح ولكن الخماعله دافعوا عن أنفسهم وهزموا عسكره ثم عادوا وبعد انتصار ابراهيم باشا على الدرعيه عاد الى المدينه المنوره في سنة 1235هـ تقريباً وجهّز جيش كثير لإستئصال قبيلة الخماعله من عنزه من جذورها وأمر بإحضارهم للتنكيل بهم جرّاء رفضهم لأمره السابق ومقاتلتهم لعسكره وجعلهم عبرةً للقبائل الأخرى وقد إنتخب لقيادة هذا الجيش أحد الأحباش الأشدّاء لمعرفته بأحوال الباديه وإجادته للغه العربيه بطلاقه ووصل الى موقع الثميمات جنوب الصحن وأمر الجيش بالمناوره لقصد إرهاب قبيلة الخماعله قبل المنازله وقيل أن احد أفراد قبيلة الخماعله ويقال أنه غنيم بن سويري الغري قد أستنشق ريح الفتايل ( البارود ) على مسافه من العسكر وكان يعرف بقلة الكلام ويلّقب بالمبلّم لقلة كلامه وأنذر جماعته بهذه الأبيات فقال:-
الوادي اللي مسملاتٍ دروبه ***** اليوم يمشي مع سناه الجيش
ننحاه باللي مسملات قضوبه ***** اللي تطاير مع سناه الريش
ثم قالوا المبلّم تكلم ولا بد من أمر خطير وأستعدوا للقتال ووضعوا إبلهم و أغنامهم في مكان آمن ويستطيعون الذود عنها بإذن الله وفي هذه الأثناء أقبلت سرايا الأتراك يقودها الحبشي وهو يقول :-
ياربعنا يالمسلمين ******** تجهزوا للمسرفين ********** الصيده اللي حلل الله
فتقدّم اليه أحد افراد الخماعله ويحدوا بقوله:-
ملحٍ ندقّه عندنا ***** يعبّأ لكم ملحٍ نظيف ****** ضربٍ يفج إنحوركم ****** يفرق وليفٍ عن وليف
وتلاقى الجمعان على بئر يسمى ( غيلان ) وصعد غنيم بن سويري الغري الخمعلي في رأس ضلع ( جبل ) يسمى ( طويلة البكره ) ومعه بندقيته و مزوده يحمل بها الطلقات وبدأ يصوب بندقه نحو العسكر وكان رامي ماهر وقيل أنه قتل لوحده في هذه المعركه تسعين فارساً وفرساً وقُتل من الطرفين عدد كثير من الفرسان وقد قام الأترك في منتصف النهار بغاره بسريه منهم على ابل للخماعله لتوسيع المعركه واضعاف معنوية الخماعله وأخذوا الإبل ومن ضمنها ناقه خلفه للعنفق من الخماعله وبقي حوارها ( فصيلها ) في المراح وكانت الناقه تسمى ( العشوى ) وعندما سمع صاحبها حنين الحوار فقد الصبر وثارت برأسه الحميه فقال يحدوا:-
تحن العشوى وتنخاني ****** عسل يادم الدولاني ****** ونعشي الذيب الجوعاني **** من شان العشوى الي حنّت
فلكد على العسكر وقتل منهم عدّة رجال وكان القائد الحبشي لم تصيبه الطلقات وهو أول مستهدف وعند الغروب لحق أحد أبناء الخماعله وهو فتى غير مجرّب للقتال فصّب درجه من العبرود وطلب بندق من أحد رفاقه فرمى القائد وجعل اله منيته على يد هذا الصبي فقتله وانهزم الأترك وفك الخماعله إبلهم أمتعتهم وما تحت أيديهم. وانهزموا ولحق بهم الخماعله وقتلوا بهم ولم يفر منهم إلا القليل .....
ثم قال الشاعر الشجاع ميزان بن خويطر الخمعلي في موقعة غيلان يصف فعل الخماعله:-
يا فضيل أنتم للقالات الصعابي ********* لكم الفعايل ماضيه بالتجاريب
في ساعةٍ بها يشيب الشبابي ********* يوم الجموع الصايله شوفها إيريب
يومٍ كبير الترك يرسل منابي ********* والصبح جتكم العساكر جناديب
ضرب الفشق مثل رعيد السحابي ******** ومعاقب الأسهام مثل المشهايب
وعج الدخن بين القبيلين رابي ******** وتواردو الموت عصم الأشانيب
ومنكم ومنهم كالحات النيابي ******** وبكم وبهم مجودات المضاريب
من الصبح لين الشمس بغت تغابي ******* حرب على غيلان زين المشاريب
وأقفى المعادي منخذل بإنهرابي ****** وراحت شرايدهم شتاتٍ هواريب
ترسون كما ترسي شوامخ هضابي ***** في ساعةٍ بها شبابها تشيب
واللي غزوكم مفتلين الشنابي ***** وعاداتكم تفنون عن شمّخ النيب
وباقي العمر ما حسبوا له إحسابي **** يوم الفضيل أوفوا جميع المطاليب
يالابتي لو راح منكم إرقابي ***** منهم تعشى جايع الضبع والذيب
تر المراجل مرتفع كل نابي ***** والطيب حوشه أتعاب المناجيب
من هز حد السيف ذرب الذبابي ****** يمشي مرفوع الراس بعزه وتهييب
ومن دس سيفه دايمٍ بالجرابي ****** عدوه من ضمن البنات الرعابيب
تبغونها يا محتّمين الجنابي ****** تبغون عن الغلب دايم غواليب
والعز عند الله متين الحجابي ****** وجمع الجماعه من كبار المواجيب
وجمع الجماعه عز من كل بابي ****** درعٍ الى خبثت عليك المشاريب
والعز هيبه والتفرق خرابي ****** وتفرق الشوفات مابه مكاسيب
إن ثارت الهيجاء وحصل الجوابي ****** واحتاجت العزه لفعل الإصاحيب
ناداهم الصيّاح في راس نابي ****** وتقابلوا زملٍ وزملٍ مناويب
يؤخذ لهم عند المناضر حسابي ****** إن جوك عكفان الشوارب مغاضيب
من يترك الهيّن وقع بالصعابي ****** ولا يستوي شىءٍ على غير تجريب
الرعرعه ما يستوي سم دابي ****** والثعلبي ما يستوي لك ولد ذيب
وصلاة ربي عد وبل السحابي ****** على نبيٍ رتّب الهرج ترتيب