باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء). [ش (داء) مرضاً ووباء، وأنزل بمعنى قدر. (شفاء) الشفاء: البرء من المرض، وهو هنا: ما يكون سبب البرء من المرض، وهو الدواء].
باب: هل يداوي الرجل المرأة أو المرأة الرجل.
عن رُبَيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: نسقي القوم ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة. [ر: ]. [ش (نخدمهم) بإعداد الطعام ونحوه. (نرد..) ننقلهم، ليدفن القتلى ويداوى الجرحى، وخروج المرأة إلى الغزو، للقيام بمثل هذه الأعمال مشروط بما إذا لم يوجد من يقوم بها من الرجال، زيادة عمن يحتاج إليه للأعمال القتالية].
باب: الشفاء في ثلاث.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكيَّة نار، وأنهى أمتي عن الكي). رفع الحديث. ورواه القُمِّي، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في العسل والحجم. [ش (في ثلاثة) يتسبب عن استعمال أحد علاجات أساسية ثلاثة. (شرطة) ضربة تقطع العرق وتشقه. (محجم) اسم للآلة التي يشرط بها موضع الحجامة، ويطلق أيضاً على الآلة التي تمص الدم وتجمعه. (كية نار) أن تحمى حديدة بالنار ويمس بها موضع الألم من الجسم. (أنهى) نهي كراهة لا نهي تحريم، وحكمة النهي عنه ما فيه من التعذيب والألم الشديد لمظنة الشفاء. عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كيَّة بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكي).
باب: الدواء بالعسل.
وقول الله تعالى: {فيه شفاء للناس} /النحل: /. [ش (فيه) أي العسل. (شفاء) سبب الشفاء، وهو الدواء]. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الحلواء والعسل. عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم أو: يكون في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي). [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، رقم: . (لذعة) إصابة خفيفة. (توافق الداء) متحقق منها أنها تكون سبباً لزوال الداء، لا على سبيل التخمين والتجربة عن أبي سعيد: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: (اسقه عسلاً). ثم أتاه الثانية، فقال: (اسقه عسلاً). ثم أتاه الثالثة فقال: (اسقه عسلاً). ثم أتاه فقال: قد فعلت؟ فقال: (صدق الله، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً). فسقاه فبرأ. [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: التداوي بسقي العسل، رقم: . (يشتكي بطنه) أي من ألم أصابه بسبب إسهال حصل له. (صدق الله تعالى) إذ قال: {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} /النحل: /. (كذب بطن أخيك) لم يصلح للشفاء بعد بهذه الكمية التي سقيته إياها. (فبرأ) شفي من المرض].
باب: الدواء بألبان الإبل.
حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا سلام بن مسكين: حدثنا ثابت، عن أنس: أن ناساً كان بهم سقم، قالوا: يا رسول الله آونا وأطعمنا، فلما صحُّوا، قالوا: إن المدينة وخمة، فأنزلهم الحرَّة في ذَوْد له، فقال: (اشربوا ألبانها). فلما صحُّوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا ذَوْده، فبعث في آثارهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت. قال سلام: فبلغني أن الحجَّاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقبه النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثه بهذا، فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يحدثه بهذا. [ر: ]. [ش (سقم) مرض. (آونا) أنزلنا في مأوى أي مسكن. (يكدم) يعض ويصدم].
باب: الدواء بأبوال الإبل.
حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا همَّام، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه: أن ناساً اجتووا في المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعيه، يعني الإبل، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه، فشربوا من ألبانها وأبوالها، حتى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعي وساقوا الإبل، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث في طلبهم فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم. قال قتادة: فحدثني محمد بن سيرين: أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود. [ر: ].
باب: الحبَّة السوداء.
عن خالد بن سعد قال: خرجنا ومعنا غالب بن أبجر فمرض في الطريق، فقدمنا المدينة وهو مريض، فعاده ابن أبي عتيق، فقال لنا: عليكم بهذه الحُبيبة السوداء، فخذوا منها خمساً أو سبعاً فاسحقوها، ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت، في هذا الجانب وفي هذا الجانب، فإن عائشة حدثتني: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن هذه الحبَّة السوداء شفاء من كل داء، إلا من السام). قلت: وما السام؟ قال: الموت. [ش (الحبيبة السوداء) تصغير الحبة، وهي الكمون، وهو أخضر، والعرب تطلق على الأخضر أسود وبالعكس. (قلت..) قيل: السائل هو خالد بن سعد، والمجيب هو ابن أبي عتيق، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه]. عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة وسعيد بن المسيَّب: أن أبا هريرة أخبرهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (في الحبَّة السوداء شفاء من كل داء، إلا السام). قال ابن شهاب: والسام الموت، والحبَّة السوداء: الشونيز. [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: التداوي بالحبَّة السوداء، رقم: . (الشونيز) هو الكمون الذي ذكرته في شرح الحديث السابق].
باب: التلبينة للمريض.
عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن التلبينة تُجِمُّ فؤاد المريض، وتذهب ببعض الحُزْن). [ش (الهالك) الميت]. عن عائشة: أنها كانت تأمر بالتلبينة وتقول: هو البغيض النافع. [ر: ]. [ش (البغيض النافع) أي يبغضه المريض مع كونه ينفعه].
باب: السَّعوط.
حدثنا معلَّى بن أسد: حدثنا وُهَيب، عن ابن طاوُس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: احتجم وأعطى الحجَّام أجره، واسْتَعَطَ. [ر: ]. [ش أخرجه مسلم في المساقاة، باب: حل أجرة الحجامة، رقم: م. (استعط) استعمل السَّعوط وهو الدواء الذي يصب في الأنف].
باب: السَّعوط بالقسط الهندي والبحري.
وهو الكُسْتُ، مثل الكافور والقافور، مثل (كُشِطَتْ) /التكوير: / وقُشِطَتْ: نُزِعَتْ، وقرأ عبد الله: قُشِطَتْ. [ش (القسط) هو جزر البحر، قال أبو بكر بن العربي: القسط نوعان: هندي وهو أسود، وبحري وهو أبيض، والهندي أشدهما حرارة. [عيني]. (الكافور) زهر النخيل. (وقرأ عبد الله) هو ابن مسعود رضي الله عنه، والقراءة المتواترة (كُشِطَتْ)]. عن أم قيس بنت مِحْصَن قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية: يُسْتَعَطُ به من العُذْرة، ويُلَدُّ به من ذات الجنب). ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لي لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماء فَرَشَّ عليه. [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: التداوي بالعود الهندي وهو الكست، رقم: . (عليكم) اسم فعل بمعنى خذوا والزموا. (العود الهندي) خشب طيب الرائحة يؤتى به من الهند، قابض، فيه مرارة يسيرة، وقشره كأنه جلد موشى. (أشفيه) جمع شفاء، أي دواء. (العذرة) وجع في الحلق يهيج من الدم، وقيل: قرحة تخرج بين الأنف والحلق، ولعله ما يسمى الآن بالتهاب اللوزات. (يلد) من اللدود، وهو ما يصب في أحد جانبي الفم من الدواء. (ذات الجنب) هو ورم الغشاء المستبطن للأضلاع. (لم يأكل الطعام) لم يزل غذاؤه الوحيد حليب أمه. (فرش عليه) المراد بالرش هنا استيعاب المكان بالماء دون سيلان].
باب: أيَّ ساعة يحتجم.
واحتجم أبو موسى ليلاً. [ش (واحتجم..) ذكرها هنا ليشير إلى أنه لا يتعين وقت للحجامة، من ليل أو نهار. وانظر الصوم، باب: ()]. عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم. [ر: ].
باب: الحجم في السفر والإحرام.
قاله ابن بُحَينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ر: ]. حدثنا مسدَّد: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوُس، وعطاء، عن ابن عباس قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُحْرِمٌ. [ر: ].
باب: الحجامة من الداء.
عن أنس رضي الله عنه: أنه سئل عن أجر الحجَّام، فقال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام، وكلَّم مواليه فخففوا عنه، وقال: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة، والقسط البحري). وقال: (لا تعذِّبوا صبيانكم بالغَمْزِ من العُذْرَةِ، وعليكم بالقُسْطِ). [ر: ]. [ش (مواليه) الذين أعتقوه. (فخففوا عنه) من الخراج المفروض عليه. (القسط البحري) انظر الباب: (). (بالغمز) بالعصر برؤوس الأصابع. (العذرة) انظر: ]. حدثنا سعيد بن تليد قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني عمرو وغيره: أن بُكَيراً حدثه: أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه: أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: دعا المقنَّع ثم قال: لا أبرح حتى تحتجم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن فيه شفاء). [ر: ]. [ش (لا أبرح) لا أذهب من مكاني ولا أخرج].
باب: الحجامة على الرأس.
حدثنا إسماعيل قال: حدثني سليمان، عن علقمة: أنه سمع عبد الرحمن الأعرج: أنه سمع عبد الله بن بُحَينة يحدث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم بِلَحْيِ جمل من طريق مكة، وهو محرم، في وسط رأسه. وقال الأنصاري: أخبرنا هشام بن حسان: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه. [ر: ، ].
باب: الحجم من الشقيقة والصداع.
حدثني محمد بن بشار: حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم، من وجع كان به، بماء يقال له لحْيُ جَمَلٍ. وقال محمد بن سواء: أخبرنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه، من شقيقة كانت به. [ر: ]. [ش (شقيقة) وجع في أحد شقي الرأس، والصداع ألم في أعضاء الرأس]. حدثنا إسماعيل بن أبان: حدثنا ابن الغسيل قال: حدثني عاصم بن عمر، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شربة عسل، أو شرطة محجم، أو لذعة من نار، وما أحب أن أكتوي). [ر: ].
باب: الحلق من الأذى.
حدثنا مسدَّد: حدثنا حمَّاد، عن أيوب قال: سمعت مجاهداً، عن ابن أبي ليلى، عن كعب، هو ابن عجرة، قال: أتى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، وأنا أوقد تحت برمة، والقمل يتناثر عن رأسي، فقال: (أيؤذيك هوامُّك). قلت: نعم، قال: (فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة، أو انسك نسيكة). قال أيوب: لا أدري بأيتهنَّ بدأ. [ر: ]. [ش (برمة) قدر من حجر].
باب: من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو.
حدثنا أبو الوليد: هشام بن عبد الملك: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل: حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة قال: سمعت جابراً، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن كان في شيء من أدويتكم شفاء، ففي شرطة محجم، أو لذعة بنار، وما أحب أن أكتوي). [ر: ]. حدثنا عمران بن ميسرة: حدثنا ابن فضيل: حدثنا حُصَين، عن عامر، عن عمران بن حُصَين رضي الله عنهما قال: لا رُقية إلا من عين أو حُمَةٍ. فذكرته لسعيد بن جُبَير فقال: حدثنا ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عُرضت عليَّ الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رُفِعَ لي سواد عظيم، قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفاً بغير حساب). ثم دخل ولم يبيِّن لهم، فأفاض القوم، وقالوا: نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله، فنحن هم، أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام، فإنا ولدنا في الجاهلية، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج، فقال: (هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون). فقال عُكَّاشة بن مِحْصَن: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: (نعم). فقام آخر فقال: أمنهم أنا؟ قال: (سبقك بها عُكَّاشة). [ر: ]. [ش (رُقية) ما يتعوذ به من القراءة. (عين) إصابة العائن غيره بعينه، وهو أن يتعجب الشخص من الشيء حين يراه، فيتضرر ذلك الشيء منه. (حمة) سم العقرب وضرها. (الرهط) ما دون العشرة من الرجال، وقيل: إلى الأربعين. (رفع) ظهر. (ولم يبين لهم) لم يبين لأصحابه من هم السبعون ألفاً. (فأفاض) اندفع بالحديث. (لا يسترقون) لا يفعلون الرُقية، اعتماداً كلياً على الله عز وجل. (لا يتطيرون) لا يتشاءمون بالطيور. (لا يكتوون) أي لا يتداوون بالكي. (يتوكلون) يفوضون الأمر إليه تعالى وإن تعاطوا الأسباب. (سبقك بها) سبق إلى الفوز بتلك المنزلة، إذ طلبها مندفعاً وليس مقلداً].
باب: الإثْمِدِ والكحل من الرَّمد.
فيه عن أم عطية. [ر: ]. [ش (الإثمد) حجر يدق ويتخذ كحلاً]. حدثنا مسدَّد: حدثنا يحيى، عن شُعبة قال: حدثني حُمَيد بن نافع، عن زينب، عن أم سلمة رضي الله عنها: أن امرأة توفي زوجها، فاشتكت عينها، فذكروها للنبي صلى الله عليه وسلم وذكروا له الكحل، وأنه يُخاف على عينها، فقال: (لقد كانت إحداكن تمكث في بيتها، في شر أحلاسها، أو: في أحلاسها في شر بيتها، فإذا مر كلب رمت بعرة، فلا، أربعة أشهر وعشراً). [ر: ].
باب: الجُذام.
وقال عفَّان: حدثنا سليم بن حيَّان: حدثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيَرة، ولا هامة ولا صفر، وفِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد). [، ، ، ]. [ش (لا عدوى) مؤثرة بذاتها وطبعها، وإنما التأثير بتقدير الله عز وجل، والعدوى سراية المرض من المصاب إلى غيره. وقيل: هو خبر بمعنى النهي، أي لا يتسبب أحد بعدوى غيره. (لا طيرة) هو نهي عن التطير، وهو التشاؤم. (هامة) هي الرأس، واسم لطائر يطير بالليل كانوا يتشاءمون به. وقيل: كانوا يزعمون أن روح القتيل إذا لم يؤخذ بثأره صارت طائراً يقول: اسقوني اسقوني، حتى يثأر له فيطير. (صفر) هو الشهر المعروف، كانوا يتشاءمون بدخوله، فنهى الإسلام عن ذلك. (المجذوم) المصاب بالجذام، وهو مرض تتناثر فيه الأعضاء].
باب: المَنُّ شفاء للعين.
حدثنا محمد بن المثنَّى: حدثنا غُنْدَر: حدثنا شُعبة، عن عبد الملك: سمعت عمرو بن حُرَيث قال: سمعت سعيد بن زيد قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الكمأة من المَنِّ، وماؤها شفاء للعين). قال شُعبة: وأخبرني الحكم بن عُتيبة، عن الحسن العُرَني، عن عمرو بن حُرَيث، عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شُعبة: لما حدثني به الحكم لم أنكره من حديث عبد الملك. [ر: ]. [ش (غُنْدَر) هو لقب محمد بن جعفر. (الكمأة) نبات لا ورق له ولا ساق توجد في الأرض من غير أن تزرع. (المن) قيل: من جنس المن الذي نزل على موسى عليه السلام وقومه، وقيل: هو ما امتن الله به على عباده بدون علاج، فهو شبيه به. وكونها من المن لأنها تخرج بلا مؤونة ولا كلفة، كما أن المن حصل كذلك. وقيل: لأنها من الحلال المحض الذي ليس في اكتسابه شبهة. (للعين) مما يصيبها من أمراض، وفي نسخة: (من العين) أي من داء العين، وهو أن يصاب إنسان بنظر آخر إليه].
باب: اللَّدُود.
حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا سفيان قال: حدثني موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس وعائشة: أن أبا بكر رضي الله عنه قبَّل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميِّت، قال: وقالت عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: (ألم أنهكم أن تلدُّوني). قلنا: كراهية المريض للدواء، فقال: (لا يبقى في البيت أحد إلا لُدَّ وأنا أنظر إلا العباس، فإنه لم يشهدكم). [ر: ، ]. حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان، عن الزُهري: أخبرني عبيد الله، عن أم قيس قالت: دخلت بابن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أعلقت عليه من العذرة، فقال: (على ما تَدْغَرْنَ أولادكنَّ بهذا العِلاق، عليكنَّ بهذا العود الهندي، فإنَّ فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب: يُسْعَطُ من العُذْرة، ويُلَدُّ من ذات الجنب). فسمعتُ الزُهري يقول: بيَّن لنا اثنين، ولم يبيِّن لنا خمسة. قلت لسفيان: فإن معمراً يقول: أعْلَقْتُ عليه؟ قال: لم يحفظ، إنما قال: أعْلَقْتُ عنه، حفظته من في الزُهري، ووصف سفيان الغلام يُحَنَّكُ بالإصبع، وأدخل سفيان في حنكه، إنما يعني رَفْعَ حنكه بإصبعه، ولم يقل: أعْلِقُوا عنه شيئاً. [ر: ]. [ش (أعلقت عليه) من الإعلاق وهو معالجة عذرة الصبي ورفعها بالإصبع. (تدغرن) من الدغر وهو الرفع. (العلاق) إزالة المعلوق وهي الآفة. (لم يحفظ) أي معمر. (ووصف سفيان..) غرضه التنبيه على أن الإعلاق هو رفع الحنك، لا تعليق شيء منه، كما يتبادر إلى الذهن]. حدثنا بشر بن محمد: أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر ويونس: قال الزُهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه، استأذن أزواجه في أن يُمَرَّض في بيتي، فأذنَّ له، فخرج بين رجلين تخطُّ رجلاه في الأرض، بين عباس وآخر. فأخبرت ابن عباس، قال: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تُسَمِّ عائشة؟ قلت: لا، قال: هو علي. قالت عائشة: فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما دخل بيتها، واشتد به وجعه: (هَريقوا عليَّ من سبع قِرَب لم تُحْلَلْ أوكيتهنَّ، لعلي أعهد إلى الناس). قالت: فأجلسناه في مخضب لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى جعل يشير إلينا: (أن قد فعلتن). قالت: وخرج إلى الناس، فصلى لهم وخطبهم. [ر: ].
باب: العُذْرة.
حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شُعَيب، عن الزُهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله: أن أم قيس بنت مِحْصَن الأسديَّة، أسد خزيمة، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أخت عُكَّاشة، أخبرته: أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العُذْرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (على ما تَدْغَرْنَ أولادكنَّ بهذا العِلاق، عليكنَّ بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب). يريد الكُسْت، وهو العود الهندي، وقال يونس وإسحق بن راشد، عن الزُهري: عَلَّقَتْ عليه. [ر: ]. [ش (أسد خزيمة) أي ليس أسد بن عبد العزى، ولا من أسد بن ربيعة، ولا من أسد بن سويد، وهي قبائل].
باب: دواء المبطون.
حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شُعبة، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال: (اسقه عسلاً). فسقاه فقال: إني سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال: (صدق الله وكذب بطن أخيك). تابعه النضر، عن شُعبة. [ر: ]. [ش (استطلق بطنه) كثر خروج ما فيه، أي أصابه الإسهال لفساد هضمه واعتلال معدته].
باب: لا صَفَرَ، وهو داء يأخذ البطن.
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة). فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال إبلي، تكون في الرمل كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال: (فمن أعدى الأول). رواه الزُهري، عن أبي سلمة، وسنان بن أبي سنان. [ر: ]. [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر..، رقم: . (الرمل) هو التراب وفتات الصخر، ولعل المراد هنا البرية والصحراء. (كأنها الظباء) في النشاط والقوة، جمع ظبي وهو الغزال. (الأجرب) المصاب بالجرب].
باب: ذات الجَنْبِ.
حدثني محمد: أخبرنا عتَّاب بن بشير، عن إسحق، عن الزُهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله: أن أم قيس بنت مِحْصَن، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أخت عُكَّاشة بن محصن، أخبرته: أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها قد علقت عليه من العذرة، فقال: (اتقوا الله، على ما تَدْغَرْنَ أولادكنَّ بهذه الأعلاق، عليكم بهذا العود الهندي، فإن فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب). يريد الكُسْت، يعني القُسْط. قال: وهي لغة. [ر: ]. حدثنا عارم: حدثنا حمَّاد قال: قُرئ على أيوب من كتب أبي قلابة، منه ما حدَّث به، ومنه ما قُرئ عليه، وكان هذا في الكتاب، عن أنس: أن أبا طلحة وأنس بن النضر كوياه، وكواه أبو طلحة بيده. وقال عبَّاد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك قال: أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت من الأنصار أن يرقوا من الحُمَةِ والأذُنِ. قال أنس: كُويت من ذات الجنب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، وشهدني أبو طلحة وأنس بن النضر وزيد بن ثابت، وأبو طلحة كواني. [ش (أهل بيت) هم آل عمرو بن حزم. (يرقوا) يستعملوا الرُقية وهي التعوذ بالقراءة. (الحمة) سم العقرب وإصابته بإبرته. (الأذن) وجع الأذن. (ذات الجنب) ورم يعرض للغشاء المستبطن للأضلاع].
باب: حرق الحصير ليُسد به الدم.
حدثني سعيد بن عُفَير: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي قال: لما كُسرت على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضة، وأدمي وجهه، وكُسرت رَبَاعيته، وكان عليٌّ يختلف بالماء في المِجَنِّ، وجاءت فاطمة تغسل عن وجهه الدم، فلما رأت فاطمة عليها السلام الدم يزيد على الماء كثرة، عمدت إلى حصير فأحرقتها، وألصقتها على جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرقأ الدم. [ر: ].
باب: الحمى من فيح جهنم.
حدثني يحيى بن سليمان: حدثني ابن وهب قال: حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحمى من فيح جهنم، فأطفئوها بالماء). وكان عبد الله يقول: اكشف عنا الرِّجز. [ر: ]. [ش (الرجز) العذاب]. حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن هشام، عن فاطمة بنت المنذر: أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: كانت إذا أتِيَتْ بالمرأة قد حُمَّت تدعو لها، أخذت الماء، فصبَّته بينها وبين جيبها. وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نَبْرُدَهَا بالماء. [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، رقم: . (حمت) أصابتها الحمى، وهي مرض يرافقه ارتفاع في حرارة الجسم. (جيبها) هو شق الثوب من ناحية العنق]. حدثني محمد بن المثنَّى: حدثنا يحيى: حدثنا هشام: أخبرني أبي، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء). [ر: ]. حدثنا مسدَّد: حدثنا أبو الأحوص: حدثنا سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن جده رافع بن خديج قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الحمى من فوح جهنم، فابردوها بالماء). [ر: ]. [ش أخرجه مسلم في السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، رقم: . (فوح) الفيح والفوح والفور بمعنى واحد، وهو شدة حرها ولهبها وانتشارها].
باب: من خرج من أرض لا تلايمه.
حدثنا عبد الأعلى بن حمَّاد: حدثنا يزيد بن زُرَيع: حدثنا سعيد: حدثنا قتادة: أن أنس بن مالك حدثهم: أنَّ ناساً، أو رجالاً، من عُكْل وعُرَينة، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلموا بالإسلام، وقالوا: يا نبي الله، إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذَوْد وبراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه، فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلقوا حتى كانوا ناحية الحرَّة، كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذَوْد، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث الطلب في آثارهم، وأمر بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم، وتُركوا في ناحية الحرَّة، حتى ماتوا على حالهم. [ر: ].