بولندا (تعرف أيضا باسم
بولونيا) (بالبولندية: Polska) هي جمهورية تقع في شرق أوروبا. يحدها من الشمال بحر البلطيق، من الشمال الشرقي إقليم كالينينغراد الروسي وليتوانيا، من الشرق روسيا البيضاء وأوكرانيا، من الجنوب سلوفاكيا وتشيكيا، من الغرب ألمانيا. الذي يُميز بولندا عن جاراتها هو أن 90% من شعبها يتبعون الكنيسة الكاثوليكية، و هذا غير معهود في دول شرق أوروبا التي يدين معظم سكانها بالأرثودكسية.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يمثل الرابع من يونيو عام 1989 بداية عصر جديد في بولندا، حيث –ولأول مرة في المعسكر الشيوعي- حققت قوى المعارضة الديمقراطية نجاحاً في انتخابات حرة جزئياً، وبعد شهرين من ذلك التاريخ تم تنصيب حكومة غير شيوعية، وأوقِظت أوروبا الوسطى والشرقية من سباتها التاريخي. وخلال "خريف الأمم" الشهير الذي حفزته حركة "التضامن" البولندية وقائدها الحاصل على جائزة نوبل للسلام "ليخ فاونسا"، انهار سور برلين في النهاية، رمز تقسيم القارة الأوروبية إلى كتلتين متضادتين.
ومنذ حصول البولنديين على استقلالهم وسيادتهم، تتسارع عملية التنمية في بولندا. لقد قال الفيلسوف والاقتصادي والخبير السياسي الأمريكي فرانسيس فوكوياما خلال زيارته لبولندا بعد انقطاع دام 11 عاماً أن "التحول الذي تم في هذه الفترة، لهو معجزة اقتصادية وسياسية، وهو تحول لن أشهده في حياتي مرة أخرى". لقد اختفت صور زمن "الستار الحديدي": الطوابير أمام محال الأغذية والشوارع الرمادية. أصبحت بولندا بلد المحال الملونة، والماركات العالمية، والتكنولوجيا المتقدمة، وكذلك بلد الناس الحيويين. لقد أظهر البولنديون –خلال إعادتهم بناء دولتهم- تفاؤلاً وجرأة، دون أن يفقدوا ما يقدّره فيهم الأجانب؛ عفويتهم وكرمهم وحسهم الرومانسي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وبعد مرور سنوات التحول ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين، أصبحت بولندا دولة متقدمة ذات إسهامات في اقتص
اديات السوق العالمي، وأحد شركاء عملية السلام في المنطقة. كما أصبحت بولندا –بعد بضعة سنوات فقط من كسر الستار الحديدي عام 1999- عضواً في حلف الأطلنطي، ومن ثم وفي شهر مايو من عام 2004، عضواً شرعياً في الاتحاد الأوروبي.
فمرحباً بك في وطن شهد كل هذا التغيير في السنوات الأخيرة !
الدولة والناس
الموقع:
تحتل بولندا موقعها وسط القارة الأوروبية، بين بحر البلطيق وجبال كاربات. ويقع بالقرب من العاصمة وارسو مركز قارة أوروبا الهندسي، حيث تتقاطع خطوط شبه جزيرة نوردكين (النرويج) ومتابان (بيلوبونيز في اليونان) وروكا (البرتغال) ووسط جبال الأورال (روسيا). وتحتل البلاد مساحة قدرها 312 ألف كم2 (120 ألف ميل2) مما يجعلها تحتل المركز التاسع من حيث المساحة على مستوى أوروبا. ويحد دولة بولندا حالياً (طبقاً لحدودها التي أقرت عام 1945) ألمانيا غرباً، والتشيك وسلوفاكيا جنوباً، ويحدها شرقاً كل من أوكرانيا وروسيا البيضاء وليتوانيا، كما تحدها شمالاً روسيا (إقليم كاليننجراد).
وتقع بولندا في شرق منخفض وسط أوروبا، وبخلاف حزام الهضاب والجبال جنوباً، تعتبر دولة ذات أراض منخفضة، ويصل متوسط ارتفاع الأرض عن مستوى سطح البحر حوالي 173 متراً، وتحتل المساحات التي يقل ارتفاعها عن 300 متر فوق سطح البحر حوالي 91% من مساحة الأراضي البولندية. وتتميز جغرافية الطبيعة البولندية بأنها سهول فسيحة تتداخل فيها ألوان الحقول المتراصة مع غابات الأشجار الورقية والإبرية والمساحات الخضراء والبحيرات متوسطة الحجم. وعلى الرغم من غالبية الأراضي المنخفضة، تتنوع المناظر الطبيعية من خلال تتابع المناطق الجغرافية المختلفة وثراء التشكيلات الطبيعية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ومن حدود بولندا الطبيعية بحر البلطيق شمالاً بشواطئه الرملية الممتدة وتلاله وبحيراته الشاطئية.
ويقع في الجزء الشمالي أيضاً حزام البحيرات (بحيرات بومورسكي ومنطقة بحيرات مازوري الكبرى التي يطلق عليها "كراينا فيلكيخ يجور مازورسكيخ") والذي تكون منذ آلاف السنين. وتوجد في بولندا أكثر من 9 آلاف بحيرة، أكثرها بحيرات ما بعد العصر الجليدي، وتعتبر بحيرة "شنياردفي" أكبرها، ومساحتها 113كم2، أما أعمقها فبحيرة "هانتشا" 108.5 متراً.
أما قلب بولندا فيقع فيه حزام سهول وسط بولندا (سهول بولندا الجنوبية "باودنيوفو فيلكو بولسكا" و"شلونسكا" و"مازوفيتسكا").
ويوجد في الجنوب حزام الجبال والهضاب التي تتميز باختلاف الجيولوجيا والشكل الخارجي لها. ومن حيث المنظر الطبيعي تعتبر منطقة مرتفعات كراكوف-تشينستوخوفا من أكثرها جمالاً (وهي تشكيلات مختلفة لصخور جيرية بما في ذلك أكثر من 400 مغارة)، تأتي بعدها جبال كاركونوشي، وكذلك جبال تاتري الشاهقة. وتعتبر قمة "ريسي" هي أعلى قمة جبلية في جبال تاتري فيسوكي (2499 متراً فوق سطح البحر). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يلعب كل من نهري فستولا "فيسوا" و"أودرا" دوراً أساسياً في خدمة النقل، فتقع على ضفاف نهر الفيستولا كل من مدينة كراكوف ووارسو وهما عاصمتا بولندا القديمة والحديثة، كما يمر نهر "أودرا" عبر غرب بولندا.
وتلتزم بولندا بتوقيت أوروبا الوسطى (توقيت جرينيتش -1).
المناخ:تقع بولندا في نطاق المناخ المعتدل. ويسود طقس شبيه بطقس بروكسل أو برلين خلال أغلب شهور السنة، أي طقس متقلب مع تغيرات تصاحب تغير مواسم السنة. ففي الشتاء (ديسمبر - مارس) تتراوح درجات الحرارة حول درجة التجمد صفر˚ مئوية (32 فهرنهايت)، أما في الصيف (يونيو - سبتمبر) فكثيراً ما تتعدى 30˚ مئوية (86 فهرنهايت). ومتوسط تساقط الأمطار في العام يصل إلى حوالي 600 مللي متر، أما في المناطق الجبلية فتتعدى 1500-2000 مللي متر.ويعتبر جنوب وغرب بولندا أدفأ أقاليم بولندا (فروتسواف وكراكوف) حيث يؤثر الهواء الدافئ القادم من غرب القارة في مناخ تلك المناطق. أما مناطق شمال شرق بولندا (بحيرات مازوري، سوفاوكي، بياوي ستوك) والتي تتأثر عادة بالهواء الأركتيكي القادم من روسيا، فتعتبر أكثر المناطق برودة.إن شهور الخريف والصيف من أفضل الشهور لزيارة بولندا، فشهرا سبتمبر وأكتوبر الدافئين والخاليين نسبياً من الأمطار يتيحان الفرصة للاستمتاع "بخريف بولندا الذهبي"، وهو أفضل وقت لمشاهدة جمال جبال بولندا الجنوبية بغاباتها المزدانة بألوانها الذهبية، وكذلك الغابات السهلية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الطبيعة:تعتبر بولندا بالنسبة للكثير من الأجانب في المقام الأول بلد الخضرة والمناظر الطبيعية. حيث تشغل الغابات جزءاً كبيراً من مساحة الدولة (حوالي 28%)، وهي غابات أشجار إبرية غالباً، وعلى العكس من العديد من الدول الأوروبية، فإنه يسهل زيارة تلك الغابات.
وتقع غابة بياوفييسكا على قائمة اليونسكو للتراث الحضاري والطبيعي، وهي آخر غابة تم الحفاظ عليها من غابات الأشجار الورقية التي كانت تغطي قارة أوروبا في يوم من الأيام. وتعتبر تلك المنطقة من أنقى البيئات الإيكولوجية في بولندا. كما تعتبر منطقة "مستنقعات بيبجانسكي" من أكبر مناطق الأخشاب المتفحمة والمحفوظة حتى الآن. وتم أيضاً الحفاظ على البيئة الطبيعية في المناطق الجبلية من جبال سوديتي حتى أقل المناطق كثافة سكانية، وهي بييشتشادي.
يشمل الغطاء النباتي في بولندا أكثر من 2000 نوع، حيث نجد العديد من آثار النباتات التي كانت منتشرة في أوروبا في الماضي، والمهددة حالياً بالاندثار. ومنها على سبيل المثال زهرة جبال تاتري والأزاليا البونتية وغيرها.
وتعيش في بولندا أنواع عديدة من الحيوانات في بيئاتها الطبيعية، والتي لا توجد في البرية في أي مكان آخر في أوروبا. لقد بدأ الحكام البولنديون في تطبيق قوانين تحمي الأنواع النادرة من الحيوانات منذ القرن الحادي عشر مثل الثور أو البيزون الأوروبي بأنواعه الثلاثة "بوبر" و"تور" و"جوبر". ولكن لم تنجح محاولات حماية التور من الانقراض، وعلى العكس من ذلك فقد لاقت محاولات إكثار الجوبر في غابة بوشتشا بياوفييسكا –وهو أضخم أنواع الثدييات في أوروبا- نجاحاً كبيراً. كما تم النجاح في حماية البوبر، حيث كان يعيش حوالي ألف رأس من البوبر منذ عشرين عاماً، أما اليوم، فيعيش حوالي 25 ألف منهم. كما يتمتع كل من الذئب والدب والقط البري بالحياة في الغابات الجبلية، وتعيش العشرات منها في غابة بوشتشا كامبينوسكا، وهي متنزه قومي بالقرب من وارسو. أما أكثر الكائنات التي تحب الحياة في بولندا فهي طيور اللقلق، حيث تبني ربع أعداد طيور اللقلق البيضاء في العالم أعشاشها في بولندا في المنطقة ما بين نهري أودرا وبوج. واستطاع علماء الطيور عد أكثر من 40 ألف طائر منهم في بولندا.أما فيما يتعلق بمساحة المناطق التي تتمتع بالحماية، فتحتل بولندا أحد مراكز الصدارة على مستوى القارة. حيث تتمتع الحيوانات والنباتات بالحماية الخاصة داخل 22 متنزه قومي بالإضافة إلى 1200 محمية طبيعية. وتصل المساحات المحمية إلى أكثر من 100 ألف كم2، وهو ما يمثل 30% من مساحة الدولة. ويسهل زيارة تلك المتنزهات القومية والمناطق ذات المناظر الطبيعية المتميزة.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إن ضفاف نهر بيبجا تعتبر موطناً لحوالي 253 نوعاً من الطيور مما يجعلها من أكثر المناطق الطبيعية المثيرة للاهتمام على مستوى أوروبا. وتمثل البحيرات والمستنقعات مكاناً تتوقف فيه العديد من أنواع الطيور النادرة الظهور في أوروبا. وتعتبر مستنقعات بحيرات بييجاينسكي من أقل تلك المناطق تأثراً بالنشاط الإنساني في القارة.توجد في متنزه سوفينسكي القومي الواقع على شواطئ بحر البلطيق تلال رملية زاحفة يصل ارتفاعها إلى 30 متراً وبحيرات شاطئية ضحلة. وتقوم الرمال الزاحفة بتغطية الغابات الشاطئية والمستنقعات، وكذلك بعض التجمعات السكانية، كاشفة في نفس الوقت مناطق كانت تغطيها منذ سنوات.تتميز جبال تاتري، وهي أعلى قمم جبال كاربات البولندية، مع منطقة زاكوباني الواقعة عند سفحها بصفات الجبال المرتفعة، ففيها آثار من ما بعد العصر الجليدي وكهوف وبحيرات جبلية مرتفعة، وشلالات، كما يمكن رؤية الماعز الجبلية والدببة[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] السكان:يسكن أكثر من 38.6 مليون نسمة في الأراضي البولندية، وإحصائياً يمكن اعتبار أنه ضمن كل عشرين مواطن أوروبي هناك مواطن بولندي. ويعتبر سكان بولندا مقارنة بباقي الدول الأوروبية شعباً شاباً، ذي تعليم جيد، ذهن متقد، جرأة اقتصادية، وإبداع. ومتوسط عمر الفرد 35 سنة من وجهة نظر إحصائية بحتة، ولم يتجاوز حوالي 60% من سكان بولندا عامهم الأربعين بعد، كما أن نسبة شبيهة من السكان تعتبر في سن الإنتاج. إن واحد من كل عشرة بولنديين حاصل على تعليم عالي، وحوالي 50% حاصلون على تعليم متوسط، كما تضاعفت أعداد الطلبة في العشرة سنوات الماضية 3 مرات. وتتزايد منذ سنوات مؤشرات امتداد العمر في بولندا، وكما هو الحال في أوروبا، فإن معدل الزيادة الطبيعية لا يزيد عن 0.3%. والشباب البولندي يدرس ويعمل أو يؤسس شركات خاصة، وكثيراً ما يؤجل الشباب قرار الارتباط بالزواج وإنجاب الأطفال لوقت متأخر. لقد كانت الفتيات البولنديات في التسعينات من القرن العشرين تتزوجن في سن 22 عاماً، أما الآن فمتوسط عمرهن عند الزواج 24 سنة، كما يتزايد عدد الفتيات التي لا تتزوجن على الإطلاق (من 5% في بدايات التسعينات من القرن العشرين إلى حوالي 20% حالياً). أما أكثر النماذج الأسرية شيوعاً فهو نموذج 2+2، إلاّ أنه تتزايد أعداد الأسر التي تكتفي بطفل واحد.
أدت التنمية الاقتصادية التي حدثت في السنوات الماضية إلى تزايد الكثافة السكانية داخل المدن، حيث يعيش فيها حوالي 24 مليون نسمة (أكثر من 60% من إجمالي عدد السكان)، وتقع أكثر التجمعات السكانية في المناطق الصناعية مثل: كاتوفيتسا (حوالي 4 مليون نسمة) وارسو (2.5 مليون)، جدانسك ويوزنان (1.5 مليون لكل منهما). ومن أقل المناطق كثافة: المناطق الزراعية في شرق البلاد، وتصل الكثافة السكانية إلى حوالي 124 نسمة/كم2. بولندا بلد متجانس عرقياً، على الرغم من أنه كان متنوعاً أكثر في الماضي، حيث استوطن على حدودها أناس من جنسيات وديانات مختلفة. كانت بولندا في القرن السادس عشر، حين انتشرت الحروب المرتبطة بالدين في أوروبا، ملاذاً للأفراد المعتنقين لديانات مختلفة. وفي عام 1931 في ظل الجمهورية الثانية متعددة الجنسيات، شكل البولنديون حوالي 64% من السكان، وذلك وفقاً للأبحاث التقريبية، الأوكرانيون 16%، اليهود 10%، بالإضافة إلى 6% من روسيا البيضاء، 2% ألمان، وكل من الليتوانيين والروس 1%.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]من أهم ما أثر على تنوع القوميات في بولندا هي الحرب العالمية الثانية. فقد أدى قتل اليهود البولنديون من قبل الرايخ الثالث، وكذلك تغيير حدود الدولة البولندية خلال الحرب وبعد انتهائها، بالإضافة إلى الهجرة السياسية والترحيل الجبري لمجموعات عرقية كاملة، إلى خفض عدد السكان وتغيير التركيبة القومية. كان يعيش على الأراضي البولندية –قبل الحرب العالمية الثانية- حوالي 35 مليون نسمة، أما بعد الحرب فأصبح يسكنها حوالي 24 مليون فقط. وكانت الأقليات العرقية –في فترة ما بين الحربين- تمثل حوالي 35% من إجمالي عدد السكان، أما حالياً فتتراوح نسبة الأقليات ما بين 2-3% من إجمالي السكان، أي نحو 1.2 مليون نسمة. وأكثر الأقليات هم الألمان (حوالي 400 ألفاً)، أما الأقلية التالية عدداً فهم الأوكرانيون (حوالي 350 ألفاً)، يعقبهم أبناء روسيا البيضاء (300 ألفاً)، ثم الليتوانييون (25 ألفاً)، فأبناء سلوفاكيا (25 ألفاً)، واليهود (15 ألفاً). بالإضافة إلى مجموعات أصغر من الغجر واليونانيين وأبناء مقدونيا وروسيا والتتار.
إن اللغة الأولى هي اللغة البولندية، وهي تنتمي –مثلها مثل التشيكية والسلوفاكية- إلى مجموعة اللغات السلافية-الغربية. وينتمي أكثر من 90% من المواطنين إلى كنيسة الروم-الكاثوليك، ويوجد أيضاً عدد من كنائس الجريك-الأرثوذكس وكذلك اللوثريين والكالفينيين، بالإضافة إلى المعابد اليهودية والمساجد القديمة الخاصة بالمسلمين الذين يعيشون في بولندا.
لقد أدى تغيير حدود بولندا وهجرة بعض مواطنيها لأسباب اقتصادية أو سياسية إلى أن وجد أكثر من 10 ملايين مواطن بولندي أنفسهم خارج الحدود البولندية الحالية، على الرغم من عدم تغيير محل إقامتهم، أو بسبب مغادرة البلاد كلية في القرن 19 والعشرين. وتشير البيانات التقديرية إلى أن حوالي 14-17 مليون بولندي يعيشون في الخارج، ومن أكبر الجاليات البولندية تلك التي تعيش في الولايات المتحدة (حوالي 9 مليون)، ثم كندا، ودول الاتحاد السوفييتي السابق، البرازيل، الأرجنتين، استراليا، وكذلك ألمانيا، المملكة المتحدة، وفرنسا. وقد استقر العديد منهم في أوطانهم الجديدة وأسهموا في تطورها. كما تعيش في العديد من دول العالم المختلفة مجموعات عرقية كانت تعيش في السابق في بولندا، وخاصة اليهود والألمان والذي احتفظ الكثير منهم بذكريات من وطنهم الأم وحافظوا على معرفتهم باللغة البولندية والثقافة البولندية. وقد شهدت التسعينيات منذ بداياتها عودة عدة مئات الآلاف من البولنديين من هجرتهم بالخارج ومن مناطق الاتحاد السوفييتي السابق.
لقد خرجت بولندا من الحرب العالمية الثانية وقد تغيرت حدود دولتها بشكل كبير، حيث فقدت أراضيها الشرقية مقابل أراض كانت تابعة لألمانيا قبل عام 1945، كما منيت بخسائر بشرية تصل إلى 6 ملايين قتيل (منها 3 ملايين يهودي بولندي)، بالإضافة إلى الدمار الهائل. ويعتبر الدمار الذي أصاب وارسو عاصمة بولندا رمزاً لتلك الحقبة، حيث دُمرت المدينة بالقنابل الألمانية عام 1939، كما عانى مواطنوها من أهوال فترة الاحتلال، التي أودت كذلك بحياة مواطنيها من اليهود ودمر كذلك الحي اليهودي الذي حاول مقاومة الإبادة عن طريق الثورة المسلحة التي قامت في الجيتو اليهودي بوارسو عام 1943.
أما عام 1944 فقد شهدت فيه العاصمة وارسو انتفاضة جماعية للشعب البولندي (انتفاضة وارسو 1944) كانت عاقبتها تدمير مدينة وارسو تماماً. لقد وصل دمار المدينة خلال الحرب إلى الحد الذي شك معه الناس عام 1945 في إمكانية إعادة بناء عاصمة بولندا على أنقاض المدينة في نفس المكان مرة أخرى.
قامت جمهورية بولندا الشعبية بعد الحرب ولكنها ظلت ذات تبعية للاتحاد السوفييتي، مثلها مثل الدول الأخرى التي وجدت نفسها تحت تأثير الاتحاد السوفييتي، وقام الشيوعيون –عن طريق الانتخابات المزورة عام 1947- بإزالة المعارضة من الحياة السياسية، كما قامت الحكومة البولندية، تحت تأثير سلطة الاتحاد السوفييتى، برفض دخول بولندا في خطة مارشال للإعمار من جهة، وربط الاقتصاد البولندي بالاقتصاد السوفييتي من جهة أخرى. لقد بدأت أعمال إعادة بناء دولة ما بعد الحرب في ظروف التأميم والتخطيط المركزي، وهو النموذج المطبق في الاتحاد السوفييتي آنذاك.
ولكن استطاعت بولندا –وكان ذلك ظاهرة غريبة في الكتلة الشيوعية- تفادي كل من عملية الدمج الكلي للوحدات الزراعية، والإلغاء التام للحرف والتجارات الصغيرة. كما لم ينجح النظام الشيوعي في تغيير هيكل الكنيسة الكاثوليكية لتتماشى مع نظام الدولة، التي أصبحت للكثير من الناس ملاذاً للحرية وتوثيق الروابط الروحية بالحضارة الغربية.وعلى الرغم من إدخال الرقابة والإشراف السياسي على الحياة الثقافية والفنية والضغط على الكنيسة وكل أشكال المعارضة، فقد تمتعت بولندا –نسبياً- بالحرية مقارنة بالدول الأخرى الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي. ولكن أدى نقص الحريات الديمقراطية والانعزال السياسي للدولة وكذلك الركود الاقتصادي الذي سببه قصور الاقتصاد الموجه إلى اعتراضات شعبية كبيرة. ففي يونيو 1956 انفجرت الإضرابات العمالية في بوزنان، ثم في خريف نفس العام –وضد رغبة قادة الاتحاد السوفييتي- انتقلت السلطة في الحزب الشيوعي إلى مجموعة ابتعدت عن المناهج الستالينية الصرفة في ممارسة السلطة. وفي عام 1968 انطلقت احتجاجات الطلاب والمثقفين البولنديين. ثم شهدت بدايات عام 1970 احتجاج العمال في الساحل، والتي تمت عملية إسكاته بإراقة دماء العمال. وفي أثناء سنوات الاحتجاجات التي كانت تنطلق في الستينيات والسبيعنيات امتلأت السجون البولندية كما كان يتم رفت الطلاب من كلياتهم.ثم جرى تغيير في هيكل حزب العمال البولندي (PZPR) في بداية السبعينيات وقررت الرئاسة الجديدة تبني مفهوم تحرير السياسة وتحديث الاقتصاد. خاصة أنه قد أدى استيراد التكنولوجيا الغربية إلى تضخم الديون البولندية للخارج. وبجانب نظام الكنيسة الكاثوليكية التي ظلت مناهضة للنظام التوتاليتاري، قامت في بولندا في السبعينيات معارضة ديمقراطية شعبية، كانت تعمل تحت ظروف غير قانونية معلنة مبادئ المقاومة غير المسلحة. وكان اختيار الكردينال البولندي من كراكوف "كارول فويتيوا" عام 1978 ليصبح بابا الفاتيكان، وزيارته الأولى لبولندا كرئيس للكنيسة الكاثوليكية دافعاً معنوياً كبيراً دعّم من المقاومة الشعبية ومن قوة المثقفين الذين تبنوا تلك الحركة ضد السلطات الشيوعية.وفي أغسطس عام 1980 وكنتيجة لزيادة الصعوبات الاقتصادية انفجرت مرة أخرى الإضرابات العمالية في منطقة الساحل، وفيها اضطر ليخ فاونسا –و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كان عمره 37 عاماً وقتها- القفز عبر أسوار منطقة بناء السفن بجدانسك ليشترك مع العمال المضربين هناك ويكون على رأسهم، وبجانبه المثقفون الذين كانوا يساندون –ومنذ البداية- هذا الاحتجاج العمالي. وكان هذا أحد الحقائق التاريخية المرتبطة ببداية نهاية العهد الشيوعي في "الكتلة الشرقية" السابقة.وشهد خريف عام 1980 قيام حركة "التضامن" الشعبية، وكانت شكلاً جديداً من أشكال الحركات الشعبية المستقلة في إطار اتحاد عمالي، ضمت ممثلين للطبقات الاجتماعية المختلفة تحت شعار التغيير السلمي.وأصبحت "التضامن" حركة جماهيرية، حيث انضم إليها حوالي 10 مليون مواطن، أي ثلث المواطنين البولنديين البالغين، وكان منهم أيضاً عدد من أعضاء الحزب الشيوعي. وتحولت تلك الحركة سريعاً إلى حركة اجتماعية واسعة تطالب بالديمقراطية وتحقيق المطالب الاجتماعية وإلغاء الرقابة على المؤلفات، وقامت السلطات نتيجة لتطور الموقف في ديسمبر عام 1981 بإعلان "حالة الحرب" كما تم اعتقال قادة المعارضة بما فيهم ليخ فاونسا.أدى ازدياد حالة عدم الرضا التي شاعت في المجتمع وكذلك نمو قوى المعارضة بالإضافة إلى العقبات الاقتصادية والظروف الدولية إلى أن قامت السلطة بتقديم بعض التنازلات. ففي الثمانينيات قامت السلطات بإجراء إصلاح جزئي للنظام السياسي، وذلك بإدخال بعض الأساليب المتبعة في النظم الديمقراطية، مثل المحكمة الدستورية والمتحدث الرسمي. وفي عام 1988 ونتيجة لتطور الموقف الدولي (بما في ذلك الإصلاح الذي قاده جورباتشوف) والموقف الداخلي (انهيار الاقتصاد والإضرابات) قررت السلطات فتح الحوار مع المعارضة. وفي شهر فبراير من عام 1989، ولأول مرة في تاريخ بولندا "ما بعد الحرب العالمية" وفي تاريخ دولة من دول الكتلة الشرقية، جلس ممثلو كل من السلطة والمعارضة الديمقراطية حول طاولة مستديرة. وتم النجاح في تحقيق انقلاب غير دموي: حيث تم إقرار أسس مشاركة المعارضة في السلطة، وذلك حول تلك الطاولة المستديرة.وفي يونيو من عام 1989 جرت الانتخابات البرلمانية بمشاركة المعارضة ولكن مع ضمان أغلبية مقاعد البرلمان ليشغلها الجانب الشيوعي. وعلى الرغم من ذلك، فقد تولى رئاسة الوزراء ممثل المعارضة، وقامت حكومة "التضامن" بقيادة تاديوش مازوفيتسكي. وكان تقلده ذلك المنصب من أحد أهم عناصر التغيير السياسي السريع الذي شهدته أوروبا الوسطى، وانهيار النظم المبنية على أساس النموذج السوفييتي. وكنتيجة لتلك التغييرات وبعد أشهر قليلة، انهار سور برلين وانهار كذلك الاتحاد السوفييتي. وانتهى بذلك عصر "الحرب الباردة" وعادت بولندا إلى مصف البلاد الديمقراطية.وفي عام 1990 قامت حكومة مازوفيتسكي بإصلاحات اقتصادية كبيرة طبقاً لمقترحات تقدم بها ليشيك بالتسيروفيتش والتي استهدفت القضاء على التضخم الهائل وتحرير الاقتصاد والخصخصة. وقد أدى كل ذلك إلى سرعة انهيار النظام السياسي السائد آنذاك: حيث تم حل حزب العمال في يناير عام 1990، وقام نظام متعدد الأحزاب، كما تم إفساح مجال واسع جداً لحريات المواطَنة. وفي ديسمبر عام 1990 فاز في الانتخابات الرئاسية ليخ فاونسا، وظهرت –خلال الأعوام التالية- من وسط صفوف حركة "التضامن" أحزاب متنافسة عديدة. وبعد انهيار الاتحادات السائدة آنذاك (مجلس وارسو ومجلس التعاون الاقتصادي المشترك)، بدأت بولندا طريق التكامل مع دول أوروبا الغربية، المبني على أسس جديدة للعلاقات ما بين الدول المجاورة.الرئيس الحالي ليخ كاتشينيسكي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]