بسم الله الرحمن الرحيم
اخوانى فى الله كما وعتكم انى سوف استكمل المسيره فى ذكر الاسماءالتى ليست من الاسماء الحسنى واليكم التالى.................
..الأسماء التي لا توافق شروط الإحصاء ...
المتفق على صحته فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ما ورد في الصحيحين عند الإمامين البخاري ومسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) (1).
أما سرد الأسماء الحسنى التي وردت في الروايات الأخرى فهو مدرج فيها وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا يخفى على أهل العلم والمعرفة بحديثه صلى الله عليه وسلم ، قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله : ( والتحقيق أن سردها من إدراج الرواة ) (2) ، وقال الصنعاني : ( اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة ) (3).
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله الروايتين اللتين اشتهرتا بين عامة الأمة وورد فيهما سرد الأسماء ، وهي رواية الترمذي في جامعه وابن ماجه في سننه ثم قال : ( وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما كل منهما من كلام بعض السلف ) (4).
ولما كان هذا هو حال الأسماء الحسنى التي حفظها الناس لأكثر من ألف عام وأنشدها كل منشد وكتبت في كل مسجد ، ليست نصا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل العلم والمعرفة بحديثه ؛ وإنما هي في حقيقتها ملحقة أو مدرجة في الأحاديث التي ورد فيها سرد الأسماء ؛ فلا بد أن نبين ما ثبت فيها من الأسماء الحسنى وما لم يثبت أو يوافق شروط الإحصاء ، لأن أسماء الله كما تقدم توقيفية على نص القرآن وصحيح السنة .
أولا : رواية الترمذي في جامعه :
قال الإمام الترمذي : حدثنا إبْرَاهيمُ بنُ يَعْقُوب الجوزجاني ، أَخبرنا صَفْوَانُ بنُ صَالِح ، أخبرنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ ، أخبرنا شُعَيْبُ بنُ أبي حَمْزَةَ ، عَن أبي الزِّنَادِ ، عَن الأَعْرَجِ عَن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله r: إنَّ لله تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْماً مِائَةً غيرَ وَاحِدَةٍ مَنْ أَحْصَاها دَخَلَ الجَنَّة ، هُوَ الله الَّذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ المَلِك القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّر الخَالِقُ البَارِىءُ المُصَوِّرُ الغَفَّارُ القَهَّارُ الوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الفتَّاحُ العَلِيمُ القَابِضُ البَاسِطُ الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكَمُ العَدْلُ اللّطِيفُ الخَبِيرُ الحَلِيمُ العَظِيمُ الغَفُورُ الشَّكُورُ العَلِيُّ الكَبِيرُ الحَفِيظُ المُقِيتُ الحَسِيبُ الجَلِيلُ الكَرِيمُ الرَّقِيبُ المُجِيبُ الْوَاسِعُ الحَكِيمُ الوَدُودُ المَجِيدُ البَاعِثُ الشَّهِيدُ الحَق الوَكِيلُ القَوِيُّ المَتِينُ الوَلِيُّ الحَمِيدُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ القَادِرُ المُقْتَدِرُ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ الأوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ الوَالِي المُتَعَالِي البَرُّ التَّوَّابُ المنتَقِمُ العَفُوُّ الرَّؤُوف مَالِكُ المُلْكِ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ الغَنِيُّ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُور .
بداية من قول الراوي في الحديث هُوَ الله الَّذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ إلى آخر الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هي أسماء من جمع الراوي وإدراجه لها في الحديث ولذلك فإن فيها ما ثبت وما لم يثبت ، وفيها ما لا ينطبق عليه شروط الإحصاء وبيان ذلك كالتالي
أولا : عدد الأسماء الواردة في هذا الحديث تسعة وتسعون اسما على اعتبار أن لفظ الجلالة ضمن الأسماء ، والأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في هذا الحديث عددها سبعون اسما هي مع لفظ الجلالة : الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط السميع البصير الحكم اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد الحي القيوم الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن المتعالي البر التواب العفو الرءوف المالك الغني الوارث .
ثانيا : أما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها تسعة وعشرون اسما وهي الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل العَدْلُ الجَلِيلُ البَاعِثُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَالِي المنتَقِمُ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُور ......................................
.................................................. ..........................
الجزء الثانى
العلة في عدم ثبوتها أو إحصائها مع الأسماء الحسنى :
الخافض الرافع :
لم يردا في القرآن أو السنة اسمين ولكن ورد الفعل يرفع في القرآن كما في قوله تعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) [المجادلة:11] وورد الفعلان في صحيح مسلم من حديث أَبِى مُوسَى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) (1).
واستند الإمام البيهقي في إثباتهما إلى المعنى الذي ورد في قوله تعالى : ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) [الرحمن:29] ، وما ذكره بسنده مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين ) (2) ، وهذا غير كاف في إثبات الاسمين ، لأن دورنا حيال الأسماء الحسنى الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء فلم يرد نص صريح بإثبات هذين الاسمين .
المعزُّ المذِل :
لم أجد حجة أو دليلا على إثبات هذين الاسمين إلا ما ورد في قوله تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [آل عمران:26]، فالله عز وجل أخبر أنه يُؤْتِي ويَشَاءُ وَيَنْزِعُ وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ ، ولم يذكر في الآية بعد مالك الملك واسمه القدير سوى صفات الأفعال ، والذين تمسكوا بتسمية الله بالمعز المذل واشتقوا له باجتهادهم اسمين من هذين الفعلين يلزمهم على قياسهم ثلاثة أسماء أخرى وهى المؤْتِي والمشِيئ وَالمنْزِعُ طالما أن المرجعية في علمية الاسم إلى الرأي والاشتقاق دون التتبع والإحصاء .
العدل الجليل
العدل لم يرد في القرآن اسما أو فعلا ولم أجد حجة لمن سمى الله بهذا الاسم سوى ما جاء من الأمر بالعدل في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان ) [النحل:90] أو ربما استند إلى المعنى الذي ورد في السنن من حديث أَبَي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّهُ فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) (3).
أما الجليل فلم يرد اسما في الكتاب أو السنة ولكن ورد وصفا في قوله : ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:27]، وقوله تعالى أيضا : ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:78] ، وفرق كبير بين الاسم والوصف لأن الله عز وجل وصف نفسه بالقوة فقال : ( ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) [الذاريات:58] ، وسمى نفسه القوي في قوله : ( وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) [الشورى:19] ، ووصف نفسه بالرحمة فقال : ( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَة ) [الأنعام:133] ، وسمى نفسه الرحمن الرحيم فقال : ( تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) [فصلت:2] ، ولما كانت أسماء الله توقيفية ولا نسمي الله إلا بما سمى به نفسه ، فإن الله وصف نفسه بالجلال ولم يسم نفسه الجليل .
البَاعِثُ المُحْصِي :
لم أجد حجة أو دليلا على إثبات هذين الاسمين ، والذي ورد في القرآن والسنة هي الأفعال فقط ، كما ورد في قوله تعالى : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [المجادلة:6] .
ومن الملاحظ أن الذي اشتق الباعث من قوله يبعثهم ، والمحصي من قوله أحصاه الله ، ترك المنبئ من قوله فينبئهم ، لأن الآية لم يرد فيها بعد اسم الله الشهيد سوى الأفعال التي اشتق منها فعلين وترك الثالث في حين أن هذه الأسماء جميعها لم ترد نصا صريحا في الكتاب أو السنة .
المُبْدِيء المُعِيدُ :
استند من سمى الله بهذين الاسمين إلى اجتهاده في الاشتقاق من قوله تعالى : ( إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) [البروج:13] ، وقوله : ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) [العنكبوت:19] ، ومعلوم أن أسماء الله توقيفية على النص وليس في الآيتين سوى الفعلين فقط .
المُحْيِي المُمِيتُ :
المحيي لم يرد إلا مقيدا في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى ) [فصلت:39] وقد تقدم في شروط الإحصاء أنه لا بد أن يفيد الاسم الثناء على الله بنفسه فيكون مطلقا ، ولو جاز إحصاء المحيي ضمن الأسماء للزم إحصاء الغافر والقابل والشديد في قوله تعالى : ( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ) [غافر:3] ، وكذلك الفاطر والجاعل في قوله تعالى : ( فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ) ، والمنزل والسريع في قوله r: ( اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ ) (4)، وكذلك البالغ في قوله : ( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ) [الطلاق:3] ، والمخزي في قوله سبحانه : ( وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ) [التوبة:2] ، والمتم في قوله تعالى : ( وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ) [الصف:8] ، والفالق والمخرج في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ) [الأنعام:95] إلى غير ذلك من الأسماء المقيدة هذا فيما يتعلق بالمحيي .
أما المميت فلم يرد اسما في الكتاب أو السنة ، والذي ورد في القرآن في أربعة عشر موضعا الفعل المضارع يميت ، نحو قوله تعالى : ( هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) [يونس:56] ، والفعل الماضي أمات في ثلاثة مواضع كقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ) [النجم:44] ، لكن ذلك لا يكفي في إثبات الاسم ، ولا يجوز أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه في كتابه أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
الوَاجِدُ المَاجِدُ :
الواجد والماجد لم يردا في القرآن أو صحيح السنة اسمين ، أما الماجد فلم يثبت في حديث صحيح ، وقد ورد في السنة عند الترمذي من حديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : ( ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ ) (5)، وفي رواية عند أحمد : ( ذَلِكَ لأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ وَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ) ، لكن ذلك ضعيف ، وهذا الحديث ليس أصلا في إثبات اسم الله الجواد كما تقدم في المبحث السابق ، لأنه ثبت في روايات أخر غير هذه ، لكن الشاهد أنه ليس من أسماء الله الواجد الماجد (6) .
الوَالِي المنتَقِمُ :
الوالي لم يرد في القرآن أو صحيح السنة والذي ثبت هو الولي والمولى ، أما الوالي فليس لمن أدرجه في الأسماء إلا ما جاء في قوله تعالى : ( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ) [الرعد:11] ، والمعنى ما لهم من دون الله ممن يلي أمرهم ويدفع عنهم (7)، أما المنتقم فلم يرد اسما والذي ورد هو الوصف والفعل في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) [إبراهيم:47] ، وقوله : ( فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) [الزخرف:25] .
ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ :
الجلال والإكرام وصفان لله عز وجل ، أما ذو فمن الأسماء الخمسة وليست من الأسماء الحسنى ، وقد ورد الوصفان في قوله تعالى : ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:27]، وقوله أيضا : ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:78] ، والله عز وجل فرق بين الاسم والوصف كما تقدم ، فوصف نفسه بأنه ذو القوة وذو الرحمة ، ثم في موضع آخر سمى نفسه القوي الرحمن ، فواجبنا تجاه الأسماء الحسنى الإحصاء وليس الإنشاء .
المُقْسِط الجَامِعُ :
المقسط لم يرد في القرآن أو السنة اسم أو وصف أو فعل ، ولكن الذي أدرجه في الحديث استند إلى أمره تعالى بالقسط ومحبته للمقسطين في قوله : ( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ) [الأعراف:29] ، أو ما ورد في صحيح مسلم من حديث أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه الذي تقدم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) (
، وقوله : ( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) [المائدة:42] .
أما الجامع فلم يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في موضعين من القرآن ، الأول في قوله تعالى : ( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ ) [آل عمران:9] ، والثاني قوله : ( إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) [النساء:140] .
المُغْنِي المَانِعُ :
لم يرد المغني اسما في القرآن أو السنة ، ولكن من أدرجه في الحديث استند إلى اجتهاده في الاشتقاق من الفعل الذي ورد في قوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) [التوبة:28] ، وقوله : ( حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) [النور:33] .
أما المانع فاستند فيه إلى الاشتقاق من الفعل في قوله تعالى : ( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآياتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ) [الإسراء:59] ، أو ما ورد عند البخاري من حديث مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ) (9).
والحديث لا دليل فيه على علمية الاسم في المانع ولا المعطي ، لأن المعطي ثبتت الاسمية والعلمية عند البخاري في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَاللَّهُ الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ ) (10).
الضَّارُّ النَّافِعُ :
هذان الاسمان لم يردا في القرآن أو السنة ، وليس لمن أدرج الأسماء في حديث الترمذي إلا اجتهاده في الاشتقاق من المعنى المفهوم من قوله تعالى : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) [الأعراف:188] ، أو ما ورد عند الترمذي وصححه الألباني من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ) (11) .
ولم يُذكر في الآية أو الحديث النص على الاسم أو حتى الفعل ، ولم أجد في القرآن أو في السنة إلا ما ورد عند البخاري من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ : ( فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلاَّ نَفَعَ اللَّهُ بِهَا ، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ ) (12)،وهذا أيضا لا يكفي في إثبات الاسم ، أما الضار فالجميع استند إلى المفهوم من الآية والحديث (13) .
النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ :
هذه الأسماء لم ترد في القرآن والسنة إلا مقيدة ، فالنور ورد في قوله تعالى : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) [النور:35]، والهادي في قوله : ( وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [الحج:54] ، والبديع ورد في قوله : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [البقرة:117] ، وقد علمنا أنه من شروط الإحصاء أن يفيد الاسم المدح والثناء بنفسه ، أما المقيد فلا بد أن يذكر بما قيد به كما جاء في قوله : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) [النساء:142] .
وكذلك الصاحب والخليفة فيما ورد عند مسلم في دعاء السفر : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ ) (14)، وكما ورد في مقلب القلوب فإنه يدعى به مقيدا دون إطلاق ، فعند أبي داود وصححه الألباني من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : ( أكثرُ مَا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يحلفٌ بهذه اليَمِين لا ومُقَلِّبَ القُلوبِ ) (15).
البَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُور :
لم ترد هذه الأسماء في القرآن أو السنة ولم أجد دليلا للباقي استند إليه من أدرج الأسماء في حديث الترمذي إلا ما ورد في قوله تعالى : ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) [الرحمن:27] ، وذلك لا يصلح دليلا لإثبات الاسم ، فلا يحق لنا أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه ، أما الرشيد فلا دليل عليه من كتاب أو سنة لأنه لم يرد اسما أو وصفا أو فعلا ، ولا أدري من أين اشتقه ؟ ، وأغلب الظن عندي أنه أخذه من المعنى المفهوم من قوله تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ ) [الأنبياء:51] .
أما الصبور فلم يرد اسما في القرآن أو السنة ، ولكن من أدرجه عند الترمذي استند إلى اجتهاده في الاشتقاق من صيغة أفعل التفضيل فيما ورد عند البخاري من حديث أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لَيْسَ أَحَدٌ أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ) (16) ، وقد علمنا أن أسماء الله توقيفية ، ودورنا حيالها الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء .
ثانيا : رواية ابن ماجة في سننه :
قال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهِيَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْمَلِكُ الْحَقُّ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْعَلِيمُ الْعَظِيمُ الْبَارُّ الْمُتْعَالِ الْجَلِيلُ الْجَمِيلُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ الْعَلِيُّ الْحَكِيمُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ الْغَنِيُّ الْوَهَّابُ الْوَدُودُ الشَّكُورُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُالْعَفُوُّ الْغَفُورُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ التَّوَّابُ الرَّبُّ الْمَجِيدُ الْوَلِيُّ الشَّهِيدُ الْمُبِينُ الْبُرْهَانُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الْوَارِثُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُالْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْوَكِيلُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُعْطِي الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ الْوِتْرُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
بعد حذف المكرر في الحديث وهما الرحيم والصمد ، وعلى اعتبار أن لفظ الجلالة ضمن الأسماء الحسنى ، فإن عدد الأسماء الواردة عند ابن ماجة في هذا الحديث مائة اسم .
أما الأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في هذا الحديث فعددها ستون اسما بدون لفظ الجلالة وهي : الواحد الصمد الأول الآخر الظاهر الباطن الخالق البارئ المصور الملك الحق السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم اللطيف الخبير السميع البصير العليم العظيم المتعال الجميل الحي القيوم القادر القاهر العلي الحكيم القريب المجيب الغني الوهاب الودود الشكور العفو الغفور الحليم الكريم التواب الرب المجيد الولي الشهيد المبين الرءوف الوارث القوي القابض الباسط الرزاق المتين الوكيل المعطي الوتر الأحد .
أما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها تسعة وثلاثون اسما وهي الْبَارُّ الْجَلِيلُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُ الْبُرْهَانُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُالْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ ذُو الْقُوَّةِ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ .
·العلة في عدم ثبوتها أو إحصائها مع الأسماء الحسنى :
تقدم الحديث عن العلة في استبعاد معظم هذه الأسماء وعدم إحصائها ضمن الأسماء الحسنى ، والذي تقدم ذكره منها واحد وعشرون اسما هي على ترتيب ورودها في الحديث الْجَلِيلُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الْمُبْدِيُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُالْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي النُّورُ .
أما بقية الأسماء فعددها ثمانية عشر اسما ، وهي على ترتيب ورودها في الحديث الْبَارُّ الرَّاشِدُ الْبُرْهَانُ الشَّدِيدُ الْوَاقِي ذُو الْقُوَّةِ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ ، وأما العلة في عدم اعتبارها ضمن الأسماء الحسنى فبيانها كالتالي :
الْبَارُّ الرَّاشِدُ الْبُرْهَان ُ:
لم ترد هذه الأسماء في القرآن أو صحيح السنة ، والذي ثبت في القرآن البر بدلا من البار ، ولعل من أدرجها يقصد البر ولكن حدث وهم أو تصحيف ، فالآية صريحة في الدلالة على الاسم ، قال تعالى : ( إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) [الطور:28].
وكذلك الراشد لم يرد في القرآن أو السنة اسما أو وصفا أو فعلا ، وأغلب الظن أيضا أن من أدرجه أخذه من المعنى المفهوم في قوله : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ ) [الأنبياء:51] ، أما البرهان فلم يرد في القرآن اسما ولا فعلا ، وليس لمن أدرج الأسماء في الحديث إلا اجتهاده في الاشتقاق من المعنى الذي ورد في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً ) [النساء:174] ، وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ) [يوسف:24] .
الشَّدِيدُ الْوَاقِي ذُو الْقُوَّةِ ُ:
لم يرد الشديد في القرآن إلا مقيدا على كثرة المواضع التي ذكر فيها ، وذلك كقوله تعالى : ( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ) [غافر:3] ، وقد علمنا أنه من شروط الإحصاء أن يفيد الاسم المدح والثناء بنفسه ، أما المقيد فلا بد أن يذكر بما قيد به ، ولو أطلق للزم من أطلقه أن يسمي الله القابل والغافر .
وأما الواقي فلم يرد في القرآن أو السنة اسما ، ومن أدرجه في الحديث استند إلى الاشتقاق من المعنى في قوله : ( وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ) [الرعد:34] ، أو الاشتقاق من الفعل في قوله تعالى : ( فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورا ) [الإنسان:11] فأخذ الواقي لقوله فوقاهم ، ويلزم بالضرورة اللاقي أو الملاقي لقوله ولقاهم ، لكن دورنا تجاه
الأسماء الإحصاء وليس الإنشاء .
أما ذو القوة فالقوة صفة وذو من الأسماء الخمسة وليست من الأسماء الحسنى كما أن الراوي ذكر القوي ضمن الأسماء في الحديث ، فأغلب الظن عندي أنه لما أورد الرزاق ثم من بعده المتين ذكر الوصف بين الاسمين ولم يحذفه لهيبة كلام الله عنده فرتبها كما قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) [الذاريات:58] .
الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ ُ:
لم يرد القائم إلا مقيدا في قوله تعالى : ( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) [الرعد:33] ، وكذلك الحافظ لم يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في نصوص كثيرة كقوله تعالى : ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظ ٌ{[الطارق:4] ، وقوله : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون َ{[الحجر:9] ، أما الدائم فلم أجد له دليلا في كتاب أو سنة وربما أدخله اجتهادا منه في حمله على معنى البقاء في قوله تعالى : ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) [الرحمن:27] ، ولكن هذا لا يعد حجة في إثبات الاسم .
الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْكَافِي ُ:
الفاطر لم يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في ستة مواضع من القرآن منها قول الله تعالى : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ) [فاطر:1] ، ويلزم من أدرج الأسماء في الحديث تسمية الله بالجاعل لأنه ورد مع الفاطر في موضع واحد ، وكذلك الكافي ورد مقيدا في قوله : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) [الزمر:36] .
أما السامع فلم أجد له دليلا إلا الاشتقاق من الفعل سمع الذي ورد في مواضع كثيرة من القرآن كقوله تعالى : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) [المجادلة:1] ، مع أن اسم الله السميع صريح في الآية وليس السامع .
الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ ُ:
الأبد لا دليل عليه من كتاب أو سنة وأغلب الظن عندي أن من أدرج الأسماء في الحديث حمل الأبد على المعنى المفهوم من الفعل في قوله تعالى : ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) [الرحمن:27] ، أما العالم فلم يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في آيات كثيرة منها قوله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ) [الرعد:9] .
وأما الصادق فلم يثبت اسما ولكن من أدرجه في الرواية اشتقه باجتهاده من قوله تعالى : ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ) [الزمر:74] ، أو قوله : ( ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِين َ{[الأنبياء:9] ، وأما قوله تعالى : ( وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ) [الحجر:64] ، فلا دليل فيه لأن هذا من كلام الملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لوط .
الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ ُ:
اجتهد من أدرج الأسماء في حديث ابن ماجة في تسمية الله بالمنير ولم يرد اسما في القرآن ، ولعله اشتق ذلك من قوله تعالى : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) [النور:35] أو لأن الله جعل القمر منيرا كما جاء في قوله : ( تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً ) [الفرقان:61] ، وكذلك التام لم يرد في القرآن أو السنة وربما اشتقه من معنى الغني بالنفس الذي دل عليه اسمه الغني أو المعنى الوارد في قوله تعالى : ( وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) [الصف:8] ، أو قوله : ( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ) [الأنعام:154] ، وهذه كلها لا تعد حجة في إثبات الاسم .
أما القديم فلم يرد اسما ولا وصفا ولكن الظن أن الراوي أخذه من المعنى الذي ورد عند أبي داود وصححه الألباني من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) (17) .
ثالثا : رواية الحاكم في المستدرك :
روى أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بسنده عن عبد العزيز بن حصين بن الترجمان قال : حدثنا أيوب السختياني وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن لله تسعة وتسعين أسما من أحصاها دخل الجنة الله الرحمن الرحيم الإله الرب الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباريء المصور الحليم العليم السميع البصير الحي القيوم الواسع اللطيف الخبير الحنان المنان البديع الودود الغفور الشكور المجيد المبديء المعيد النور الأول الآخر الظاهر الباطن الغفار الوهاب القادر الأحد الصمد الكافي الباقي الوكيل المجيد المغيث الدائم المتعال ذو الجلال والإكرام المولى النصير الحق المبين الباعث المجيب المحيي المميت الجميل الصادق الحفيظ الكبير القريب الرقيب الفتاح التواب القديم الوتر الفاطر الرزاق العلام العلي العظيم الغني المليك المقتدر الأكرم الرءوف المدبر المالك القدير الهادي الشاكر الرفيع الشهيد الواحد ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الخلاق الكفيل الجليل الكريم ، هذا حديث محفوظ من حديث أيوب وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مختصرا دون ذكر الأسامي الزائدة فيها .
عدد الأسماء في الحديث الذي ورد عند الحاكم خمسة وتسعون اسما مع لفظ الجلالة ، وقد سقط من النص أربعة أسماء أوردها البيهقي في الاعتقاد وهي على ترتيب ورودها عنده البادي العفو الحميد المحيط (18) .
أما الأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في هذا الحديث فعددها واحد وسبعون اسما بدون لفظ الجلاله ومع إضافة الأسماء التي لم تذكر في الحديث وهي على ترتيب ورودها الرحمن الرحيم الإله الرب الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباريء المصور الحليم العليم السميع البصير الحي القيوم الواسع اللطيف الخبير المنان الودود الغفور الشكور المجيد الأول الآخر الظاهر الباطن الغفار الوهاب القادر الأحد الصمد الوكيل المجيد المتعال المولى النصير الحق المبين المجيب الجميل الحفيظ الكبير القريب الرقيب الفتاح التواب الوتر الرزاق العلي العظيم الغني المليك المقتدر الأكرم الرءوف المالك القدير الشاكر الشهيد الواحد الخلاق الكريم العفو الحميد .
وأما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها سبعة وعشرون اسما وبيانها كالتالي : الحنان البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي المغيث الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر العلام المدبر الهادي الرفيع ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الكفيل الجليل البادي المحيط .
·العلة في عدم ثبوتها أو إحصائها مع الأسماء الحسنى :
تقدم الحديث عن العلة في استبعاد الكثير من هذه الأسماء وبينا السبب في عدم إحصائها ، والذي تقدم ذكره منها ستة عشر اسما ، وهي على ترتيب ورودها في الحديث البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر الهادي الجليل
أما بقية الأسماء فعددها أحد عشر اسما وهي على ترتيب ورودها في الحديث الحنان المغيثالعلام المدبر الرفيع ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الكفيلالبادي المحيط ، وأما العلة في عدم ثبوتها فبيانها كالتالي :
الحنان المغيث :
لم يثبت الحنان في القرآن أو صحيح السنة ، قال الخطابي : ( ومما يدعو به الناس خاصهم وعامهم وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحنان ) (19).
وقال علوي السقاف : ( والخلاصة أن عد بعضهم الحنان من أسماء الله تعالى فيه نظر لعدم ثبوته ) (20).
وقد ورد في المسند من طريق خلف بن خليفة من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ جَالِساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الْحَلْقَةِ وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّى ، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ دَعَا فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحَنَّانُ بَدِيعَ السَّماَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ ) (21)، أما المنان فهو ثابت كما تقدم .
أما المغيث فلم يرد في القرآن اسما ، ولكن أغلب الظن أنه اشتقه باجتهاده من المعنى الذي ورد في قوله تعالى : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) [الأنفال:9] ، أو قوله : ( وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) [الأحقاف:17] ، أو ما ورد عند البخاري من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا ثُمَّ قَالَ : ( يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ) (22).
العلام ُ المدبر ُ :
والعلام ورد مقيدا في أربعة مواضع من القرآن كقوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ ) [سبأ:48] ، ولم يرد في القرآن أو السنة مطلقا ، وأما المدبر فلم يثبت اسما وإنما ورد فعلا في أربعة مواضع من القرآن كقوله تعالى : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) [الرعد:2] ، وهذا لا يكفي لإثبات الاسم لأن دورنا تجاه الأسماء الحسنى الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء ، والذي أدرج المدبر اشتقاقا من الآية السابقة يلزمه قياسا أن يدرج المفصل لأنه قال يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآياتِ ، فطالما أن المرجعة في علمية الاسم إلى الرأي والاشتقاق دون التتبع والإحصاء فيلزم إدخال الاسمين معا أو استبعادهما معا .
الرفيع ذو الطول ُ:
لم يرد الرفيع في القرآن إلا مقيدا كما ورد في قوله تعالى : ( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ) [غافر:15] ، ومن شروط الإحصاء أن يفيد الاسم المدح والثناء بنفسه فلا بد أن يكون مطلقا ، أما ذو الطول فالأمر فيه كما تقدم عند الحديث عن ذي القوة فالطول بالفتح يقال : طال عليه وتطول عليه إذا امتن عليه ، فالطول هو المن ويقال للتفضل والقدرة والسعة والغنى والإنعام (23)، والطول هنا صفة الله تعالى وذو من الأسماء الخمسة وليست من الأسماء الحسنى ، قال تعالى : ( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ) [غافر:3] ، ثم ما هي العلة في إدخال ذي الطول وإخراج ذي العرش مع أن الجميع في القرآن .
ذو المعارج ذو الفضل :
كما سبق عند الحديث عن ذي الطول فإن من أدرج الأسماء في الحديث استند إلى قوله تعالى : ( مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِج ) [المعارج:3] ، وقوله( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم ) [الجمعة:4] ، وغير ذلك من الآيات ، وهذا لا يكفي لإحصاء الاسم كما تقدم .
الكفيلالبادي المحيطُ :
لم يرد الاسم في القرآن إلا في قوله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) [النحل:91] ، والاسم هنا مقيد وليس مطلقا ، وأما البادي فلربما اشتقه من أدرج الأسماء في الحديث من قول الله تعالى : ( وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُون َ{ [الزمر:47] ، أو من قوله : ( إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ) [البروج:13] ، كما تقدم في المبديء .
أما المحيط فلم يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في آيات كثيرة كقوله تعالى : ( وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِين َ{[البقرة:19] ، وقوله سبحانه : ( أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ) [فصلت:54] .
وشكرا ويارب مكونش طولت عليكم .
ويكون الموضوع مفيد للجميع.tito)
وسوف اقدم لكم المرة القادمه شروط الاحصاء للاسماء الحسنى...........